قصص وأحكام قرآنيّة وردت في الإنجيل

م.د.ضياء ماجد حسن
{"title":"قصص وأحكام قرآنيّة وردت في الإنجيل","authors":"م.د.ضياء ماجد حسن","doi":"10.61710/t1aefn12","DOIUrl":null,"url":null,"abstract":"بسم الله الرّحمن الرّحيم والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على خير الخلق وخاتم المرسلين النّبيّ الكريم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأمّا بعد..      فإنّنا سنتناول الحديث والدّراسة في عدد من القصص والاحكام القرآنيّة الّتي وردت في الإنجيل الّذي يعتمده المسيحيون كتابٍ سماويٍّ أنزله الله تعالى ليهتدوا به في أحكامهم وتشريعاتهم وقوانين حياتهم، والمعروف أن هناك أربعة أناجیل فقط قد أقرتها الكنيسة الرسمية أواخر القرن الثاني الميلادي، وإذا عدنا إلى ظروف وأسباب ظهور هذا الأناجيل فذلك يعود إلى أن السيد المسيح (ع) لم يترك أثراً مكتوباً، بل تعاليم شفوية وسيرة حياة ، وكانت الجماعات المسیحیة الأولى تتناقل أقواله وأعماله وسیرة حیاته، كما وصلت إلیھا عن طريق تلامذته المباشرين ممن رافقوه في مسیرته التبشیرية ، وفي الحقیقة ، فإن الأناجیل التي نعرفها الیوم لم تكن الأثر الأول المكتوب الذي كان المسیحیون الأوائل يعملون بھديه، فقد سبقتھا رسائل بولس الرسول التي ظھرت تباعاً فیما بین عام 51 وعام 67م[i] ، وهو العام الذي استشهد فیه بمدينة روما أثناء موجة الاضطھاد الواسعة ضد المسیحیین في أيام الإمبراطور نيرون، ولكن رسائل بولص نفسھا لم تحتوِ على أي شيء فیما يخص سیرة حیاة السيد المسیح أو أعماله وأقواله ومعجزاته، وتعالیم بولص تبتدئ من السيد المسيح القائم من بین الأموات رباً ومخلصاً، وتنتھي عنده، فھو لم يشر بكلمة واحدة إلى السیدة مريم العذراء (ع ) ، ولا إلى میلاد المسيح الإعجازي، ولا إلى الأحداث التي قادت إلى محاكمته وصلبه، وھذا يعني أن أربعین سنة أو نحوھا قد انقضت على وفاة السيد المسيح دون أن يكون لدى الكنیسة وثیقة معتمدة فیما يخصه ، وإنما مجموعة رسائل ذات طابع لاهوتي يتركز موضوعھا الأساسي لا على حیاة السيح ، وإنما على الآثار الخلاصیة لصلبه وموته وقیامته [ii] .       وعندما مات معظم أفراد الجیل الذي سمع عن يسوع مباشرة أو سمع من تلامذة السيد المسيح حاملین معھم ذكرياتھم وانطباعاتھم المباشرة ، طفت على السطح الخلافات والتناقضات داخل الكنیسة الأولى، وبدت الحاجة ماسة إلى تدوين سیرة يسوع وتعالیمه، وذلك بھدف تثبیت المعتقد المسیحي من جھة، أو تأكيد وجھة نظر ھذه الجماعة أو تلك ، وھكذا ظھرت على التتابع الأناجیل الأربعة التي عزيت إما إلى شخصیات من عصر نبوة السيد المسيح مثل مرقس ولوقا، أو إلى تلامیذه مباشرين مثل متّى ويوحنا ، وجميع ھذه الأناجیل دونت باللغة الیونانیة التي كانت لغة الثقافة في ذلك العصر ، ومجموع هذه الأناجيل سمي بالعهد الجديد ( إنجيل متي , إنجيل مرقس , إنجيل لوقا وإنجيل يوحنا )[iii]، الى جانب هذه الأناجيل يحتوي الكتاب المقدس المسيحي على عدد من الأسفار وهي : رسائل بولص الرسول ، رسائل يعقوب , رسالتين لبطرس , ثلاث رسائل ليوحنا , رسالة يهوذا وأعمال الرسل المعزو تدوينه الى لوقا ، إلى جانب ھذه الأسفار التي عدت قانونية ومكتوبة بإلھام من الروح القدس، ھنالك عدد من الأناجیل التي لم تقرھا الكنیسة الرسمیة، واعدتھا زورا إلى أسماء شخصیات بارزة في العھد الجديد، مثل منحولة، أي منسوبة ً إنجیل يعقوب، ومنحول متى، والإنجیل العربي، وإنجیل توما الإسرائیلي، وتاريخ يوسف النجار. ومعظم ھذه الأناجیل تھتم بتاريخ أسرة مريم وطفولتھا وحیاتھا السابقة، ومیلاد المسيح وطفولته، وما إلى ذلك من الموضوعات التي لم تأخذ حظاً وافرا من عناية مؤلفي الأناجیل الرسمیة[iv].      على الرغم من أن ھذه الأناجیل قد بقیت على ھامش الأسفار الرسمیة للعھد الجديد، إلا أنھا كانت متداولة على نطاق واسع، وكان لها اثراً مھما في تزويد الخیال الشعبي والتقوى المسیحیة بمادة غنیة، كما أمدت ً الفن التشكیلي بكثیر من العناصر والأفكار التي بقي يعالجها وصولاً إلى العصور الحديثة، وذلك مثل میلاد العذراء، وتقديمھا إلى الھیكل، ومغارة المیلاد، وبشارة الملاك لـ مريم وھي جالسة تنسج حجاب الھیكل، كما قدمت مادة غنیة للموسیقى والتراتیل الكنسیة، وصارت بعض أحداثھا مناسبات دينیة احتفالیة، مثل عید صعود السیدة العذراء.[v]      في مطلع القرن السابع للميلاد، عند ظهور الإسلام، كان العالم المسیحي غارقاً في الأناجیل المنحولة، ولم تكن الكنیسة المركزية قد افلحت تماما في تنميط المعتقد المسیحي والقضاء على ما أسمته بالھرطقات التي كانت تحمل أفكارا ورؤى لا تنسجم من قرارات المجامع المسكونیة المتتالیة منذ مجمع نیقیة عام 325م [vi].      وهذا يعني إن القرآن قد نزل في مناخ ثقافي مشحون بالجدال بين المسیحیین والیھود من جھة، وبین المسیحیة والوثنیة من جھة ثانیة، وبین الفرق المسیحیة المتناحرة من جھة ثالثة، وقد أدلى القرآن الكريم بدلوه في خضم ھذا الجدل السائد، وقدم منظوره الأيديولوجي الخاص فیما يتعلق بالعديد من الروايات والقصص التي وردت في الأناجيل لا سيما التي تمثل العهد الجديد المعترف به من قبل الكنيسة.       وهنا في هذا البحث سوف نعود إلى هذه الأناجيل ، التي أقرتها الكنيسة ، ونتتبع بعض نقاط الالتقاء او الاختلاف أحياناً ، مع ما ورد في القرآن الكريم من قصص وأحكام ؛ لأن الرواية القرآنية تحتوي على مادة غنیة شبیھة بمادة الأناجیل والھدف من وراء ذلك ھو إظهار مدى التشابه بین الرواية الإنجيلية والرواية القرآنية؛ الأمر الذي يجعل الرواية القرآنية أشبه برواية تقوم على جدل مسیحي داخلي، لا على جدل بین ديانتین مختلفتين، كما وسنقوم عبر ثنايا البحث بإجراء مقارنة بین اللاهوت المسیحي الذي نسجته ببطء وعبر عدة قرون قرارات المجامع المسكونیة، وبین لاھوت القرآن الكريم كما يتجلى في جدله المطروح مع أھل الكتاب .      فهل هناك تشابه أو اختلاف حاصل بين القرآن الكريم الّذي هو هدى للنّاس جميعهم بما فيهم الأديان الأخرى والإنجيل الّذي هو قانون الدّين المسيحيّ؟ هذا ما سنعتمد عليه في بحثنا عبر تقديم مقدّمة وبمبحثين وخاتمة، على أن تكون المنهجيّة كاملة والمعلومات صحيحة مقدمة بإسلوب مفهوم وسليم، مع توضيح مجموعة من الأمثلة والشواهد المأخوذة من القرآن الكريم والإنجيل ، والتي تحكي موضوع الصيام [vii] في كل من القرآن الكريم والإنجيل فضلا عن قصة لسيدنا المسيح عيسى وكذلك امه مريم (عليهما السلام)  ، وقصة تتناول الحديث عن سيدنا إبراهيم عليه السلام وكذلك سيدنا موسى عليه السلام.","PeriodicalId":509792,"journal":{"name":"Journal of Imam Al-Kadhum College","volume":"42 51","pages":""},"PeriodicalIF":0.0000,"publicationDate":"2023-12-17","publicationTypes":"Journal Article","fieldsOfStudy":null,"isOpenAccess":false,"openAccessPdf":"","citationCount":"0","resultStr":"{\"title\":\"قصص وأحكام قرآنيّة وردت في الإنجيل\",\"authors\":\"م.د.ضياء ماجد حسن\",\"doi\":\"10.61710/t1aefn12\",\"DOIUrl\":null,\"url\":null,\"abstract\":\"بسم الله الرّحمن الرّحيم والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على خير الخلق وخاتم المرسلين النّبيّ الكريم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأمّا بعد..      فإنّنا سنتناول الحديث والدّراسة في عدد من القصص والاحكام القرآنيّة الّتي وردت في الإنجيل الّذي يعتمده المسيحيون كتابٍ سماويٍّ أنزله الله تعالى ليهتدوا به في أحكامهم وتشريعاتهم وقوانين حياتهم، والمعروف أن هناك أربعة أناجیل فقط قد أقرتها الكنيسة الرسمية أواخر القرن الثاني الميلادي، وإذا عدنا إلى ظروف وأسباب ظهور هذا الأناجيل فذلك يعود إلى أن السيد المسيح (ع) لم يترك أثراً مكتوباً، بل تعاليم شفوية وسيرة حياة ، وكانت الجماعات المسیحیة الأولى تتناقل أقواله وأعماله وسیرة حیاته، كما وصلت إلیھا عن طريق تلامذته المباشرين ممن رافقوه في مسیرته التبشیرية ، وفي الحقیقة ، فإن الأناجیل التي نعرفها الیوم لم تكن الأثر الأول المكتوب الذي كان المسیحیون الأوائل يعملون بھديه، فقد سبقتھا رسائل بولس الرسول التي ظھرت تباعاً فیما بین عام 51 وعام 67م[i] ، وهو العام الذي استشهد فیه بمدينة روما أثناء موجة الاضطھاد الواسعة ضد المسیحیین في أيام الإمبراطور نيرون، ولكن رسائل بولص نفسھا لم تحتوِ على أي شيء فیما يخص سیرة حیاة السيد المسیح أو أعماله وأقواله ومعجزاته، وتعالیم بولص تبتدئ من السيد المسيح القائم من بین الأموات رباً ومخلصاً، وتنتھي عنده، فھو لم يشر بكلمة واحدة إلى السیدة مريم العذراء (ع ) ، ولا إلى میلاد المسيح الإعجازي، ولا إلى الأحداث التي قادت إلى محاكمته وصلبه، وھذا يعني أن أربعین سنة أو نحوھا قد انقضت على وفاة السيد المسيح دون أن يكون لدى الكنیسة وثیقة معتمدة فیما يخصه ، وإنما مجموعة رسائل ذات طابع لاهوتي يتركز موضوعھا الأساسي لا على حیاة السيح ، وإنما على الآثار الخلاصیة لصلبه وموته وقیامته [ii] .       وعندما مات معظم أفراد الجیل الذي سمع عن يسوع مباشرة أو سمع من تلامذة السيد المسيح حاملین معھم ذكرياتھم وانطباعاتھم المباشرة ، طفت على السطح الخلافات والتناقضات داخل الكنیسة الأولى، وبدت الحاجة ماسة إلى تدوين سیرة يسوع وتعالیمه، وذلك بھدف تثبیت المعتقد المسیحي من جھة، أو تأكيد وجھة نظر ھذه الجماعة أو تلك ، وھكذا ظھرت على التتابع الأناجیل الأربعة التي عزيت إما إلى شخصیات من عصر نبوة السيد المسيح مثل مرقس ولوقا، أو إلى تلامیذه مباشرين مثل متّى ويوحنا ، وجميع ھذه الأناجیل دونت باللغة الیونانیة التي كانت لغة الثقافة في ذلك العصر ، ومجموع هذه الأناجيل سمي بالعهد الجديد ( إنجيل متي , إنجيل مرقس , إنجيل لوقا وإنجيل يوحنا )[iii]، الى جانب هذه الأناجيل يحتوي الكتاب المقدس المسيحي على عدد من الأسفار وهي : رسائل بولص الرسول ، رسائل يعقوب , رسالتين لبطرس , ثلاث رسائل ليوحنا , رسالة يهوذا وأعمال الرسل المعزو تدوينه الى لوقا ، إلى جانب ھذه الأسفار التي عدت قانونية ومكتوبة بإلھام من الروح القدس، ھنالك عدد من الأناجیل التي لم تقرھا الكنیسة الرسمیة، واعدتھا زورا إلى أسماء شخصیات بارزة في العھد الجديد، مثل منحولة، أي منسوبة ً إنجیل يعقوب، ومنحول متى، والإنجیل العربي، وإنجیل توما الإسرائیلي، وتاريخ يوسف النجار. ومعظم ھذه الأناجیل تھتم بتاريخ أسرة مريم وطفولتھا وحیاتھا السابقة، ومیلاد المسيح وطفولته، وما إلى ذلك من الموضوعات التي لم تأخذ حظاً وافرا من عناية مؤلفي الأناجیل الرسمیة[iv].      على الرغم من أن ھذه الأناجیل قد بقیت على ھامش الأسفار الرسمیة للعھد الجديد، إلا أنھا كانت متداولة على نطاق واسع، وكان لها اثراً مھما في تزويد الخیال الشعبي والتقوى المسیحیة بمادة غنیة، كما أمدت ً الفن التشكیلي بكثیر من العناصر والأفكار التي بقي يعالجها وصولاً إلى العصور الحديثة، وذلك مثل میلاد العذراء، وتقديمھا إلى الھیكل، ومغارة المیلاد، وبشارة الملاك لـ مريم وھي جالسة تنسج حجاب الھیكل، كما قدمت مادة غنیة للموسیقى والتراتیل الكنسیة، وصارت بعض أحداثھا مناسبات دينیة احتفالیة، مثل عید صعود السیدة العذراء.[v]      في مطلع القرن السابع للميلاد، عند ظهور الإسلام، كان العالم المسیحي غارقاً في الأناجیل المنحولة، ولم تكن الكنیسة المركزية قد افلحت تماما في تنميط المعتقد المسیحي والقضاء على ما أسمته بالھرطقات التي كانت تحمل أفكارا ورؤى لا تنسجم من قرارات المجامع المسكونیة المتتالیة منذ مجمع نیقیة عام 325م [vi].      وهذا يعني إن القرآن قد نزل في مناخ ثقافي مشحون بالجدال بين المسیحیین والیھود من جھة، وبین المسیحیة والوثنیة من جھة ثانیة، وبین الفرق المسیحیة المتناحرة من جھة ثالثة، وقد أدلى القرآن الكريم بدلوه في خضم ھذا الجدل السائد، وقدم منظوره الأيديولوجي الخاص فیما يتعلق بالعديد من الروايات والقصص التي وردت في الأناجيل لا سيما التي تمثل العهد الجديد المعترف به من قبل الكنيسة.       وهنا في هذا البحث سوف نعود إلى هذه الأناجيل ، التي أقرتها الكنيسة ، ونتتبع بعض نقاط الالتقاء او الاختلاف أحياناً ، مع ما ورد في القرآن الكريم من قصص وأحكام ؛ لأن الرواية القرآنية تحتوي على مادة غنیة شبیھة بمادة الأناجیل والھدف من وراء ذلك ھو إظهار مدى التشابه بین الرواية الإنجيلية والرواية القرآنية؛ الأمر الذي يجعل الرواية القرآنية أشبه برواية تقوم على جدل مسیحي داخلي، لا على جدل بین ديانتین مختلفتين، كما وسنقوم عبر ثنايا البحث بإجراء مقارنة بین اللاهوت المسیحي الذي نسجته ببطء وعبر عدة قرون قرارات المجامع المسكونیة، وبین لاھوت القرآن الكريم كما يتجلى في جدله المطروح مع أھل الكتاب .      فهل هناك تشابه أو اختلاف حاصل بين القرآن الكريم الّذي هو هدى للنّاس جميعهم بما فيهم الأديان الأخرى والإنجيل الّذي هو قانون الدّين المسيحيّ؟ هذا ما سنعتمد عليه في بحثنا عبر تقديم مقدّمة وبمبحثين وخاتمة، على أن تكون المنهجيّة كاملة والمعلومات صحيحة مقدمة بإسلوب مفهوم وسليم، مع توضيح مجموعة من الأمثلة والشواهد المأخوذة من القرآن الكريم والإنجيل ، والتي تحكي موضوع الصيام [vii] في كل من القرآن الكريم والإنجيل فضلا عن قصة لسيدنا المسيح عيسى وكذلك امه مريم (عليهما السلام)  ، وقصة تتناول الحديث عن سيدنا إبراهيم عليه السلام وكذلك سيدنا موسى عليه السلام.\",\"PeriodicalId\":509792,\"journal\":{\"name\":\"Journal of Imam Al-Kadhum College\",\"volume\":\"42 51\",\"pages\":\"\"},\"PeriodicalIF\":0.0000,\"publicationDate\":\"2023-12-17\",\"publicationTypes\":\"Journal Article\",\"fieldsOfStudy\":null,\"isOpenAccess\":false,\"openAccessPdf\":\"\",\"citationCount\":\"0\",\"resultStr\":null,\"platform\":\"Semanticscholar\",\"paperid\":null,\"PeriodicalName\":\"Journal of Imam Al-Kadhum College\",\"FirstCategoryId\":\"1085\",\"ListUrlMain\":\"https://doi.org/10.61710/t1aefn12\",\"RegionNum\":0,\"RegionCategory\":null,\"ArticlePicture\":[],\"TitleCN\":null,\"AbstractTextCN\":null,\"PMCID\":null,\"EPubDate\":\"\",\"PubModel\":\"\",\"JCR\":\"\",\"JCRName\":\"\",\"Score\":null,\"Total\":0}","platform":"Semanticscholar","paperid":null,"PeriodicalName":"Journal of Imam Al-Kadhum College","FirstCategoryId":"1085","ListUrlMain":"https://doi.org/10.61710/t1aefn12","RegionNum":0,"RegionCategory":null,"ArticlePicture":[],"TitleCN":null,"AbstractTextCN":null,"PMCID":null,"EPubDate":"","PubModel":"","JCR":"","JCRName":"","Score":null,"Total":0}
引用次数: 0

摘要

بسم الله الرّحمن الرّحيم والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على خير الخلق وخاتم المرسلين النّبيّ الكريم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأمّا بعد... فإنّنا سنتناول الحديث والدّراسة في عدد من القصص والاحكام القرآنيّة الّتي وردت في الإنجيل الّذي يعتمده المسيحيون كتابٍ سماويٍّ أنزله الله تعالى ليهتدوا به في أحكامهموتشريعاتهم وقوانين حياتهم، والمعروف أن هناك أربعة أناجیل فقط قد أقرتها الكنيسة الرسمية أواخر القرن الثاني الميلادي، وإذا عدنا إلى ظروف وأسباب ظهور هذا الأناجيل فذلك يعود إلى أنالسيد المسيح (ع) لم يترك أثراً مكتوباًـﺑ بل تعاليم شفوية وسيرة حياة ، وكانت الجماعات المسیحیة الأولى تناقل أقواله وأعماله وسیرة حیاته، كما وصلت إلیھا عن طريق تلامذته المباشرينمن رافقوه في مسیرته التبشیرية ، وفي الحقیقة فإن الأناجیل التي نعرفها الیوم لم تكن الأثر الأول المكتوب الذي كان المسیحیون الأوائل يعملون بھديه، فقد سبقتھا رسائل بولس الرسولالتي ظھرت تباعاً فیما بین عام 51 وعام 67م[i] ، وهو العام الذي استشهد فیه بمدينة روما أثناء موجة الاضطھاد الواسعة ضد المسیحین في أيام الإمبراطور نيرون، ولكن رسائل بولص نفسھا لمتحتوِ على أي شيء فیما يخص سیرة حیاة السيد المسیح أو أعماله وأقواله ومعجزاته، وتعالیم بولص تبتدئ من السيد المسيح القائم من بین الأموات رباً ومخلصاً وتنتھي عنده، فھو لم يشر بكلمةواحدة إلى السیدة مريم العذراء (ع ) ، ولا إلى میلاد المسيح الإعجازي، ولا إلى الأحداث التي قادت إلى محاكمته وصلبه، وھذا يعني أن أربعین سنة أو نحوھا قد انقضت على وفاة السيد المسيحدون أن يكون لدى الكنیسة وثیقة معتمدة فیما يخصه ، وإنما مجموعة رسائل ذات طابع لاهوتي تركز موضوعھا الأساسي لا على حیاة السيح ، وإنما على الآثار الخلاصیة لصلبه وموته وقیامته [ii] . وعندما مات معظم أفراد الجیل الذي سمع عن يسوع مباشرة أو سمع من تلامذة السيد المسيح حاملین معھم ذكرياتھم وانبطاعاتھم المباشرة ، طفت على السطح الخلافاتوالتناقضات داخل الكنیسة الأولى، وبدت الحاجة ماسة إلى تدوين سیرة يسوع وتعالیمه، وذلك بھدف تثبیت المعتقد المسیحي من جھة، أو تأكيد وجھة نظر ھذهالجماعة أو تلك ، وھكذا ظھرت على التتابع الأناجیل الأربعة التي عزيت إما إلى شخصیات من عصر نبوة السيد المسيح مثل مرقس ولوقا، أو إلى تلامیذه مباشرينمثل متّى ويوحنا ، وجميع ھذه الأناجیل دونت باللغة الیونانیة التي كانت لغة الثقافة في ذلك العصر ، ومجموع هذه الأناجيل سمي بالعهد الجديد ( إنجيل متي 、إنجيل مرقس , إنجيل لوقا وإنجيل يوحنا )[iii]، الى جانب هذه الأناجيل يحتوي الكتاب المقدس المسيحي على عدد من الأسفار وهي :رسائل بولص الرسول ، رسائل يعقوب , رسالتين لبطرس , ثلاث رسائل ليوحنا 、رسالة يهوذا وأعمال الرسل المعزو تدوينه الى لوقا ، إلى جانب ھذه الأسفار التي عدت قانونية ومكتوبة بإلھام من الروح القدس، ھنالك عدد من الأناجیل التي لم تقرھا الكنیسة الرسمیة،واعدتھا زورا إلى أسماء شخصیات بارزة في العھد الجديد، مثل منحولة، أي منسوبة ً إنجیل يعقوب، ومنحول متى، والإنجیل العربي، وإنجیل توما الإسرائیلي، وتاريخ يوسف النجار.ومعظم ھذه الأناجیل تھتم بتاريخ أسرة مريم وطفولتھا وحیاتھا السابقة، ومیلاد المسيح وطفولته، وما إلى ذلك من الموضوعات التي لم تأخذ حظاً وافرا من عناية مؤلفي الأناجیل الرسمیة[iv]. على الرغم من أن ھذه الأناجیل قد بقیت على ھامش الأسفار الرسمیة للعھد الجديد، إلا أنھا كانت متداولة على نطاق واسع، وكان لها اثراًمھما في تزويد الخیال الشعبي والتقوى المسیحیة بمادة غنیة، كما أمدت ً الفن التشكیلي بكثیر من العناصر والأفكار التي بقي يعالجهاوصولاً إلى العصور الحديثة، وذلك مثل میلاد العذراء، وتقديمھا إلى الھیكل، ومغارة المیلاد، وبشارة الملاك لـ مريم وھي جالسة تنسج حجابالھیكل، كما قدمت مادة غنیة للموسیقى والتراتیل الكنسیة، وصارت بعض أحداثھا مناسبات دينیة احتفالیة ، مثل عید صعود السیدة العذراء.[V] في مطلع القرن السابع للميلاد، عند ظهور الإسلام، كان العالم المسیحي غارقاً في الأناجیل المنحولة، ولم تكن الكنیسة المركزية قد افلحت تماما في تنميطالمعتقد المسیحي والقضاء على ما أسمته بالھرطقات التي كانت تحمل أفكارا ورؤى لا تنسجم من قرارات المجامع المسكونیة المتتالیة منذ مجمع نیقیة عام 325م [vi]. وهذا يعني إن القرآن قد نزل في مناخ ثقافي مشحون بالجدال بين المسیحین والیھود من جھة، وبین المسیحیة والوثنیة من جھة ثانیة، وبین الفرق المسیحیة المتناحرة من جھة ثالثة، وقد أدلى القرآنالكريم بدلوه في خضم ھذا الجدل السائد، وقدم منظوره الأيديولوجي الخاص فیما يتعلق بالعديد من الروايات والقصص التي وردت في الأناجيل لا سيما التي تمثل العهد الجديد المعترف به من قبل الكنيسة. وهنا في هذا البحث سوف نعود إلى هذه الأناجيل ، التي أقرتها الكنيسة ، ونتتبع بعض نقاط الالتقاء او الاختلاف أحياناً ، مع ما ورد في القرآن الكريم منقصص وأحكام ؛ لأن الرواية القرآنية تحتوي على مادة غنیة شبیھة بمادة الأناجیل والھدف من وراء ذلك ھو إظهار مدى التشابه بین الرواية الإنجيلية والروايةالقرآنية؛ الأمر الذي يجعل الرواية القرآنية أشبه برواية تقوم على جدل مسیحي داخلي، لا على جدل بین ديانتین مختلفتين، كما وسنقوم عبر ثنايا البحث بإجراءقارنة بین اللاهوت المسیحي الذي نسجته ببطء وعبر عدة قرون قرارات المجامع المسكونیة وبین لاھوت القرآن الكريم كما يتجلى في جدله المطروح مع أھل الكتاب .
本文章由计算机程序翻译,如有差异,请以英文原文为准。
查看原文
分享 分享
微信好友 朋友圈 QQ好友 复制链接
本刊更多论文
قصص وأحكام قرآنيّة وردت في الإنجيل
بسم الله الرّحمن الرّحيم والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على خير الخلق وخاتم المرسلين النّبيّ الكريم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأمّا بعد..      فإنّنا سنتناول الحديث والدّراسة في عدد من القصص والاحكام القرآنيّة الّتي وردت في الإنجيل الّذي يعتمده المسيحيون كتابٍ سماويٍّ أنزله الله تعالى ليهتدوا به في أحكامهم وتشريعاتهم وقوانين حياتهم، والمعروف أن هناك أربعة أناجیل فقط قد أقرتها الكنيسة الرسمية أواخر القرن الثاني الميلادي، وإذا عدنا إلى ظروف وأسباب ظهور هذا الأناجيل فذلك يعود إلى أن السيد المسيح (ع) لم يترك أثراً مكتوباً، بل تعاليم شفوية وسيرة حياة ، وكانت الجماعات المسیحیة الأولى تتناقل أقواله وأعماله وسیرة حیاته، كما وصلت إلیھا عن طريق تلامذته المباشرين ممن رافقوه في مسیرته التبشیرية ، وفي الحقیقة ، فإن الأناجیل التي نعرفها الیوم لم تكن الأثر الأول المكتوب الذي كان المسیحیون الأوائل يعملون بھديه، فقد سبقتھا رسائل بولس الرسول التي ظھرت تباعاً فیما بین عام 51 وعام 67م[i] ، وهو العام الذي استشهد فیه بمدينة روما أثناء موجة الاضطھاد الواسعة ضد المسیحیین في أيام الإمبراطور نيرون، ولكن رسائل بولص نفسھا لم تحتوِ على أي شيء فیما يخص سیرة حیاة السيد المسیح أو أعماله وأقواله ومعجزاته، وتعالیم بولص تبتدئ من السيد المسيح القائم من بین الأموات رباً ومخلصاً، وتنتھي عنده، فھو لم يشر بكلمة واحدة إلى السیدة مريم العذراء (ع ) ، ولا إلى میلاد المسيح الإعجازي، ولا إلى الأحداث التي قادت إلى محاكمته وصلبه، وھذا يعني أن أربعین سنة أو نحوھا قد انقضت على وفاة السيد المسيح دون أن يكون لدى الكنیسة وثیقة معتمدة فیما يخصه ، وإنما مجموعة رسائل ذات طابع لاهوتي يتركز موضوعھا الأساسي لا على حیاة السيح ، وإنما على الآثار الخلاصیة لصلبه وموته وقیامته [ii] .       وعندما مات معظم أفراد الجیل الذي سمع عن يسوع مباشرة أو سمع من تلامذة السيد المسيح حاملین معھم ذكرياتھم وانطباعاتھم المباشرة ، طفت على السطح الخلافات والتناقضات داخل الكنیسة الأولى، وبدت الحاجة ماسة إلى تدوين سیرة يسوع وتعالیمه، وذلك بھدف تثبیت المعتقد المسیحي من جھة، أو تأكيد وجھة نظر ھذه الجماعة أو تلك ، وھكذا ظھرت على التتابع الأناجیل الأربعة التي عزيت إما إلى شخصیات من عصر نبوة السيد المسيح مثل مرقس ولوقا، أو إلى تلامیذه مباشرين مثل متّى ويوحنا ، وجميع ھذه الأناجیل دونت باللغة الیونانیة التي كانت لغة الثقافة في ذلك العصر ، ومجموع هذه الأناجيل سمي بالعهد الجديد ( إنجيل متي , إنجيل مرقس , إنجيل لوقا وإنجيل يوحنا )[iii]، الى جانب هذه الأناجيل يحتوي الكتاب المقدس المسيحي على عدد من الأسفار وهي : رسائل بولص الرسول ، رسائل يعقوب , رسالتين لبطرس , ثلاث رسائل ليوحنا , رسالة يهوذا وأعمال الرسل المعزو تدوينه الى لوقا ، إلى جانب ھذه الأسفار التي عدت قانونية ومكتوبة بإلھام من الروح القدس، ھنالك عدد من الأناجیل التي لم تقرھا الكنیسة الرسمیة، واعدتھا زورا إلى أسماء شخصیات بارزة في العھد الجديد، مثل منحولة، أي منسوبة ً إنجیل يعقوب، ومنحول متى، والإنجیل العربي، وإنجیل توما الإسرائیلي، وتاريخ يوسف النجار. ومعظم ھذه الأناجیل تھتم بتاريخ أسرة مريم وطفولتھا وحیاتھا السابقة، ومیلاد المسيح وطفولته، وما إلى ذلك من الموضوعات التي لم تأخذ حظاً وافرا من عناية مؤلفي الأناجیل الرسمیة[iv].      على الرغم من أن ھذه الأناجیل قد بقیت على ھامش الأسفار الرسمیة للعھد الجديد، إلا أنھا كانت متداولة على نطاق واسع، وكان لها اثراً مھما في تزويد الخیال الشعبي والتقوى المسیحیة بمادة غنیة، كما أمدت ً الفن التشكیلي بكثیر من العناصر والأفكار التي بقي يعالجها وصولاً إلى العصور الحديثة، وذلك مثل میلاد العذراء، وتقديمھا إلى الھیكل، ومغارة المیلاد، وبشارة الملاك لـ مريم وھي جالسة تنسج حجاب الھیكل، كما قدمت مادة غنیة للموسیقى والتراتیل الكنسیة، وصارت بعض أحداثھا مناسبات دينیة احتفالیة، مثل عید صعود السیدة العذراء.[v]      في مطلع القرن السابع للميلاد، عند ظهور الإسلام، كان العالم المسیحي غارقاً في الأناجیل المنحولة، ولم تكن الكنیسة المركزية قد افلحت تماما في تنميط المعتقد المسیحي والقضاء على ما أسمته بالھرطقات التي كانت تحمل أفكارا ورؤى لا تنسجم من قرارات المجامع المسكونیة المتتالیة منذ مجمع نیقیة عام 325م [vi].      وهذا يعني إن القرآن قد نزل في مناخ ثقافي مشحون بالجدال بين المسیحیین والیھود من جھة، وبین المسیحیة والوثنیة من جھة ثانیة، وبین الفرق المسیحیة المتناحرة من جھة ثالثة، وقد أدلى القرآن الكريم بدلوه في خضم ھذا الجدل السائد، وقدم منظوره الأيديولوجي الخاص فیما يتعلق بالعديد من الروايات والقصص التي وردت في الأناجيل لا سيما التي تمثل العهد الجديد المعترف به من قبل الكنيسة.       وهنا في هذا البحث سوف نعود إلى هذه الأناجيل ، التي أقرتها الكنيسة ، ونتتبع بعض نقاط الالتقاء او الاختلاف أحياناً ، مع ما ورد في القرآن الكريم من قصص وأحكام ؛ لأن الرواية القرآنية تحتوي على مادة غنیة شبیھة بمادة الأناجیل والھدف من وراء ذلك ھو إظهار مدى التشابه بین الرواية الإنجيلية والرواية القرآنية؛ الأمر الذي يجعل الرواية القرآنية أشبه برواية تقوم على جدل مسیحي داخلي، لا على جدل بین ديانتین مختلفتين، كما وسنقوم عبر ثنايا البحث بإجراء مقارنة بین اللاهوت المسیحي الذي نسجته ببطء وعبر عدة قرون قرارات المجامع المسكونیة، وبین لاھوت القرآن الكريم كما يتجلى في جدله المطروح مع أھل الكتاب .      فهل هناك تشابه أو اختلاف حاصل بين القرآن الكريم الّذي هو هدى للنّاس جميعهم بما فيهم الأديان الأخرى والإنجيل الّذي هو قانون الدّين المسيحيّ؟ هذا ما سنعتمد عليه في بحثنا عبر تقديم مقدّمة وبمبحثين وخاتمة، على أن تكون المنهجيّة كاملة والمعلومات صحيحة مقدمة بإسلوب مفهوم وسليم، مع توضيح مجموعة من الأمثلة والشواهد المأخوذة من القرآن الكريم والإنجيل ، والتي تحكي موضوع الصيام [vii] في كل من القرآن الكريم والإنجيل فضلا عن قصة لسيدنا المسيح عيسى وكذلك امه مريم (عليهما السلام)  ، وقصة تتناول الحديث عن سيدنا إبراهيم عليه السلام وكذلك سيدنا موسى عليه السلام.
求助全文
通过发布文献求助,成功后即可免费获取论文全文。 去求助
来源期刊
自引率
0.00%
发文量
0
期刊最新文献
العوامل المؤثرة في الحد من ظاهرة الإعلام الهابط في مواقع التواصل الاجتماعي Satire as a Tool for Social Commentary in Terry Pratchett’s Equal Rites باتسي تاكيموتو مينك (Patsy Takemoto Mink) ودورها في الكونغرس الأمريكي (1927-2002) Badi al-Zaman bin al-Razzaz al-Jazari and his role in technological improvement in contemporary world هوية الشهرستاني العقدية ، إسماعيلية أم أشعرية ؟
×
引用
GB/T 7714-2015
复制
MLA
复制
APA
复制
导出至
BibTeX EndNote RefMan NoteFirst NoteExpress
×
×
提示
您的信息不完整,为了账户安全,请先补充。
现在去补充
×
提示
您因"违规操作"
具体请查看互助需知
我知道了
×
提示
现在去查看 取消
×
提示
确定
0
微信
客服QQ
Book学术公众号 扫码关注我们
反馈
×
意见反馈
请填写您的意见或建议
请填写您的手机或邮箱
已复制链接
已复制链接
快去分享给好友吧!
我知道了
×
扫码分享
扫码分享
Book学术官方微信
Book学术文献互助
Book学术文献互助群
群 号:481959085
Book学术
文献互助 智能选刊 最新文献 互助须知 联系我们:info@booksci.cn
Book学术提供免费学术资源搜索服务,方便国内外学者检索中英文文献。致力于提供最便捷和优质的服务体验。
Copyright © 2023 Book学术 All rights reserved.
ghs 京公网安备 11010802042870号 京ICP备2023020795号-1