عِلَلُ الاخْتِيارِ بَيْنَ القِرَاءاتِ القُرْآَنِيَّةِ: دِرَاسَةٌ في ِكِتَابِ "التَّهْذِيب في التَّفْسِير" للحَاكِمِ الجُشَمِيِّ

Abstract

الاختيار بين القراءات من القضايا المهمة في حقل الدراسات اللغوية والقرآنية، حيث حظيت باهتمام طائفة كبيرة من النحاة والمفسرين. ويعتبر كتاب "التهذيب في التفسير" للحاكم الجُشَمي(494هـ) مصدرًا مهمًا في هذا الباب؛ فقد عُنِيَ مصنفه بالقراءات عناية كبيرة. وللجُشَمي مكانة علمية رفيعة؛ إذ هو واحد من أعلام المعتزلة في القرن الخامس الهجري، ولمصنفاته في علمي التفسير والكلام دور بارز في المدرسة الاعتزالية، كما أنه شيخ الإمام الزمخشري(538هـ) صاحب الكشاف. وعلى الرغم من مكانة الحاكم هذه، وأهمية تفسيره إلا أنه لم يَنل حظه من الدرس؛ لذلك قام البحث بدراسة مسألة من مسائل الكتاب وهي قضية الاختيار بين القراءات القرآنية. واقتصر على القراءات المتواترة؛ لأنها مقدمة على غيرها؛ نظرًا لاستجماعها شروط القبول، وثبوت قرآنيتها. وقد قام البحث باستجلاء موقف الجشمي من هذه المسألة، ووقف على أهم العِلَلِ التي اعتمد عليها في اختياراته بين القراءات، والعِلَلِ التي نقلها عن غيره من المفسرين والـمُعْربين، وقسمها إلى مجموعات ثلاث: عِلَلٍ متعلقة باللغة العربية وقواعدها من لغة ونحو وصرف؛ وعِلَل متعلقة بالقراءة والقراء، كرده بعض القراءات لعدم ثبوت تواترها عنده، أو للشك في ضبط الرواة؛ وعِلَلٍ فرعية أخرى، كتقديمه القراءة الموافقة للرسم العثماني، وغير ذلك. وقد تضمَّن البحث مناقشة لتلك العِلَل، وخَلُصَ إلى أنها لا تنهض لرد قراءة متواترة استجمعت شروط القبول، وانتهى إلى أن الحاكم من حيث المبدأ يمنع من الاختيار بين القراءات المتواترة، إلا أنه من حيث التطبيق كان يرجح ويختار. وخَلُصَ البحث كذلك إلى أن الأولى أن يُسلك مسلك التوفيق بين القراءات وبيان تكاملها، لا الترجيح فيما بينها. كما أوصى البحث المشتغلين بالدراسات القرآنية واللغوية بزيادة الاهتمام بتفسير الحاكم الجشمي، لِغِنَاه بالمسائل العلمية التي تستحق الدرس.